في الذكرى الخمسين للاستقلال: هذه شروطنا لطي الصفحة مع فرنسا

تحي الجزائر الذكرى الخمسين للاستقلال في أجواء متميزة، تستدعي تجديد المواقف التاريخية في هذا الظرف الحساس الذي تمر به منطقتنا. هي فرصة للتوقف خاصة عند مسيرة العلاقات مع فرنسا ـ مستعمرتها سابقا ـ واستطلاع آفاقها، ونتساءل إن كانت لا تزال هناك فرصة لطي الصفحة، أم أن ذلك يعد ضربا من المستحيل؟ طبعا ذلك ليس مستحيلا، شريطة أن تطرح على طاولة النقاش بكل مسئولية كافة القضايا العالقة، لأن بذلك فقط يمكن أن نتطلع لتطبيع العلاقات مثلما يتمناها بعض رجالات السياسات في فرنسا، لكن من دون تصوّر أي تنازلات... لكن ما نراه على الساحة الفرنسية، مع اقتراب هذا الحدث ـ الذكرى الخمسين للاستقلال ـ لا يبعث على التفاؤل. هذه الهستريا الجماعية للأقدام السوداء وقطاع من صناع الرأي في فرنسا من إعلاميين وسياسيين ممن يحنون للجزائر الفرنسية، أو ممن لهم غرض في نفس يعقوب، التي تحاول تحريض الرأي العام الفرنسي بتشويه التاريخ وطمس الحقائق زقلبها بتصوير الجلاد في هيئة الضحية، والتركيز على المصير الذي عرفه عدد من الحركى بعد الاستقلال في الجزائر على يد السكان انتقاما منهم، وبتضخيم الأرقام بشكل مستفز. هذه المناسبة التاريخية هي إذن فرصة لتذكير هؤلاء بحقيقة الاحتلال الفرنسي الجزائري وبشاعة الجرائم التي اقترفها في حقائق شعب أعزل لمدة قرن وثلاثين سنة، صادر أملاكه وحرّمه من أبسط وسائل العيش، قبل أن يشرع في إبادته مجندا في ذلك كل إمكانياته العسكرية والمادية لقهر حركات المقاومة والثورات التي قامت للمطالبة بحق الشعب الجزائري في سيادته على أرضه. هي فرصة للتذكير بوقائع التعذيب الوحشي الذي مورس على الفدائيين والثوار في المعتقلات والمحتشدات، وبأسماء المعدمين. كلها يتحمل مسئوليتها ضباط وقيادات الجيش الفرنسي الذين تفننوا في أساليب التقتيل والتعذيب والتمثيل بالجثث وحتى بالرؤوس المقطوعة، مثلما هو مدوّن في يوميات وشهادات بعضهم، وبدأت تنشر في السنوات الأخيرة. من الجنرال هربيون إلى الجنرال أوساريس مرورا بماسو وبيجار. وكانت هناك تقارير أقرت بكل هذه الحقائق المرعبة، منها تقرير ميشال روكار الشهير الذي أرسل للتحقيق في المحتشدات التي أقيمت في الجزائر، وأشار إلى أن أكثر من مليونين من السكان محتشدون فيها وحوالي ألفي جزائري ماتوا فيها من الجوع. بحر من الدماء تفصلنا عن فرنسا، لكن مع ذلك لابد من التفكير في تجاوز الأضغان، وإعادة بناء المستقبل المشترك على أسس سليمة، باستغلال الفرص المتاحة والقواسم المشتركة بين الشعبين والدولتين: أواصر ثقافية ولغوية، علاقة الجوار، المصالح المشتركة الكثيرة، المتعلقة بالاستثمارات وحماية الأمن والسلم الدوليين...

بقلم بقلم رئيس التحرير 6/28/2012 06:03:00 م. قسم . You can أكتب تعليقا لاتقرأ وترحلRSS 2.0

فيديو الاسبوع

إخترنا لكم

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - /تعريب وتطوير/شباب من أجل الجزائر