سورية: مشهد يحتمل الحرب والإصلاح
عربي دولي 8/09/2011 05:01:00 م
لم
يكن الموقف العربي اتجاه الفوضى الأمنية في سورية سيد نفسه. بدا مستنسخاً،
شديد الشبه كما دائماً، بموقف الولايات المتحدة الأميركية وكذلك الإتحاد
الأوروبي. قررت كل من السعودية والكويت والبحرين ممارسة نوع من الضغط
الديبلوماسي على دمشق، مستدعين سفراءهم، كما ندد مجلس التعاون الخليجي
"بالإستخدام المفرط للقوة".
من جهة
ثانية، كان الموقف التركي أكثر حزماً حيث لوّحت أنقرة على لسان وزير
خارجيتها أحمد داوود أوغلو بفرض حصار على دمشق على شاكلة الحصار الذي كان
مفروضاً على الرئيس العراقي صدام حسين. وهذه رسالة ليس لبنان بمنأى عنها
كونه المنفس الوحيد لسورية في حال فرض أي حصار عليه. أما واشنطن فأثنت على
الموقف التركي، حيث طلبت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون من أوغلو نقل رسالة
واضحة إلى المسؤولين السوريين مفادها: أعيدوا الجنود إلى ثكناتهم وأطلقوا
سراح جميع المعتقلين. التصعيد في الموقف العربي والدولي، قوبل بثبات في
الموقف السوري الذي طالب الدول العربية الحريصة على أمن سورية "بوقف أعمال
التخريب التي تقوم بها جماعات لا تريد الخير للوطن السوري". الحديث عن
انطلاق عجلة الإصلاحات في الداخل السوري مستمر، والرصاص الملغوم باتجاه
النظام مستمر أيضاً، أين أصبح المشهد الدمشقي؟
دير الزور آخر المعارك...والموقف العربي انعكاس للضغط الأميريكي
" سقوط النظام السوري يعني بداية لتطبيق مشروع التقسيم في المنطقة، وبالتالي اندلاع حرب أهلية واقليمية" هكذا يقول الرئيس السابق
لحزب الكتائب كريم بقرادوني، مشيراً في الوقت عينه إلى أن المجريات
الميدانية تدلّ على أن " النظام السوري ليس بخطر، الوضع الأمني يتماسك
تدريجياً، فالجيش موحّد والشعب بدأ يعي حجم المأساة". بقرادوني وفي اتصال
مع موقع المنار الإلكتروني، رأى أن معركة دير الزور هي آخر المعارك وأنها
"ستنتهي مع انتهاء هذا الشهر، النظام لن يبدأ بتطبيق الإصلاحات تحت ضغط
البندقية، ما إن تهدأ الفوضى الأمنية حتى يبدأ زمن الإصلاحات".
وفي ما
يتعلق بالموقف العربي واستدعاء كل من السعودية والبحرين والكويت لسفرائهم،
قال بقرادوني إن هذه الضغوط الديبلوماسية اتجاه سورية ليست سوى ترجمة لضغط
أميريكي يطالب العرب باتخاذ موقف ضاغط على النظام السوري. ويشرح بقرادوني
أن الدول العربية تعي جيداً تبعات سقوط النظام في سورية " حيث أنه بداية
لتفتيت المنطقة بأكملها، لذا فإني أرى أنه بالنسبة للسعودية فهناك خلاف على
الموقف من إسقاط النظام، حيث يقوم البعض ممن يتنافسون على خلافة الملك عبد
الله بن عبد العزيز إلى الإنخراط في اللعبة الإقليمية لرفع أسهمهم دولياً
وأميريكياً".
أما بالنسبة للموقف التركي، فيصفه بقرادوني بالأكثر التباساً، مشيراً إلى أنه " من جهة يفاوض لكسب موقع اقليمي، ومن جهة يضغط
لكي يتضامن مع الإخوان المسلمين الأقرب إليه سياسياً وإايديولوجياً". لا
يستبعد بقرادوني تصعيد الموقف التركي ليشمل تدخلاً عسكرياً، أو اجراءات
أكثر حزماً كإنشاء منطقة عازلة أو فرض حظر جوي، لكنه يرى أن ذلك إن حدث
سيكون بمثابة " خطأ قد يدفع بالمنطقة إلى حرب أهلية واقليمية".
واستبعد
الرئيس السابق لحزب الكتائب فرضية تنفيذ الحلف الأطلسي عملية عسكرية ضد
سورية وعزا ذلك إلى " مثلث ايران، سورية، حزب الله، الذي له وزن استراتيجي
والذي يحول دون تدخل الأطلسي الذي لم يحقق نجاحاً في ليبيا". بقرادوني رجح
أن تكون تركيا قوة ضاغطة "حيث أنها في حال تدخلها عسكرياً في سورية، ستعطي
إيران الضوء الأخضر للتحرك ضد دول الخليج".
لا تبدو
الأدوات اللازمة لحراك ناجح في الداخل السوري حاضرة بعد. فجبهة المعارضة
منقسمة على نفسها، وجزء كبير من الشعب يريد بقاء النظام وانطلاق عجلة
الإصلاح. المشهد الدمشقي بحاجة إلى التغيير، تغيير أدرك الرئيس بشار الأسد
ضرورته منذ العام 2000، والذي ينتظر الجميع لمسه لمس اليد بعد اختفاء صوت
الرصاص المنبعث من أفواه دعاة الإنقسام وليس التغيير.