ضبابية الاقتصاد العالمي في 2012

اسس الاقتصاد العالمي تضعف واحدة تلو الأخرى، وتبقى أرمة الديون الاوربية قاطرة هذا الضعف، حيث توقع صندوق النقد الدولي جمودا في النمو في أوروبا في 2012. و الأنشطة الاقتصادية حسب الخبراء، ستكون محدودة جدا كما أن الاعمال التجارية ستعرف بعض الانحسار و خاصة بما تتعلق باقتصادات الدول المتقدمة. ان تفاقم أزمة اليورو، رمز اوربة الموحدة، سيؤثر على الاتحاد الاوربي ككيان لدرجة قد تصل إلى التفتيت بحسب بعض المراقبين للشأن، الامر الذي من المحتمل ان يجلب سلسلة من التفاعلات السلبية للاقتصاد العالمي تبدأ بإصابته بجمود، فتخوف، فإفلاسات، فبطالة وبالتالي تدهور لمستويات المعيشة تصل إلى حدود غير مسبوقة مثلما حدث بعد الحرب العالمية الثانية وذلك نظرا للمكانة العالمية التي يحتلها الاقتصاد الاوربي. حيث كان قد حذر رئيس البنك المركزي الاوروبي "ماريو دراغي"، من ان الوضع الحالي لمنطقة اليورو لا يمكن تحمله بدون علاقات قوية سياسيا واقتصاديا بين دوله. لكن يبدو ان الخوف مازال مهيمنا على المشهد الاوربي لأن الحديث متزايد عن خروج اليونان من "منطقة اليورو"، الامر الذي ان تحقق فمن المتوقع أن تضطر على اثره دولا اخرى مثل اسبانيا والبرتغال إلى اتباع نفس الأمر وبالتالي الخروج، وبالتالي ظهور فوضى مالية متفاقمة في شتى انحاء اوروبا. حيث أن اسبانيا أحدث ضحية لازمة خانقة عصفت بمصارفها، ما أدى إلى ارتفاع الفوائد المفروضة على سندات ديونها إلى معدلات قياسية، وهي التي تواجه الآن تكاليف الاقتراض في اسواق السندات بشكل عقابي لها، لأن المستثمرين يخشون من انها لن تكون قادرة على سداد ديونها ومعدلات البطالة لديها 24.4%. ومع ذلك يبدو في المشهد الأوربي أن القادة السياسيون في فرنسا وألمانيا هم الأكثر حماسة في محاولاتهم لتعزيز الثقة باليورو والاتحاد الأوروبي. أزمة اليورو كما اسلفنا، مؤشر لأزمة عالمية تتعدى حدود منطقتها، الامر الذي جعل العالم يتحسس الآن خطر معدلات النمو الغير متفائلة للقوى الاقتصادية الكبرى وخاصة في البلدان الغربية. فعلى الرغم من ثقة وزير الخزانة الامريكي بقدرة اوربا على حل ازمتها، إلا انه عاد "تيموثى جايتنر" في جلسة استماع عقدتها اللجنة المالية بمجلس النواب الأمريكى حول وضع النظام المالى العالمى، ليحذر من مغبة تبعات التباطؤ الاقتصادي الأوروبي على اقتصاد بلاده، مشيرا إلى أن الأزمة المالية الأوروبية الراهنة أثرت بشكل سلبى كبير على تعافى الاقتصاد الأمريكي، نظرا لأن أوروبا شريك اقتصادي كبير للولايات المتحدة لاستحواذها على نسبة 15% من الصادرات الأمريكية. الاقتصاد الامريكي الذي يحتل إلى الآن المرتبة الاولى عالمياً يعيش حالة من الغموض الذي ينعكس من خلال الاجراءات التي يتخذها صناع القرار في واشنطن، حيث اوضحت صحيفة الواشنطن بوست الاميركية الى ان الجمود السياسي في واشنطن منع الكونغرس الأميركي من إقرار أي إجراءات اقتصادية كبيرة، وعلى الرغم من حديث الجمهوريين والديمقراطيين الحثيث حول الحاجة لخلق فرص عمل إلا أن الأوضاع على الأرض تتدهور بشكل سريع والتقارير الأخيرة حول معدلات البطالة الأميركية تؤكد هذا الوضع، ودائما حسب الواشنطن بوست. وبطبيعة الحال، فان مؤشرات الضبابية للاقتصاد العالمي تبدو جلية ايضا في منطقة الشرق الاوسط الموجودة دائما في قلب الازمة الاقتصادية العالمية نظرا لما تشكله من سوق أساسي للموارد وخاصة في مجالات الطاقة، وإلى ذلك نجد ان الإجراءات العقابية التي تمارسها الدول الغربية على قطاع النفط الإيراني تحديدا بسبب برنامج طهران النووي، غير ذي فاعلية بحسب مراقبين، والسبب يعود في كثير من الاحيان إلى أن فرض هكذا عقوبات وبشكل صارم يعني توقع مزيد ارتفاع في أسعار النفط ، الأمر الذي يعني ارتفاع المخاطر إزاء تعافي الاقتصاد العالمي. وبالنسبة لاقتصادات القوى العالمية الصاعدة يبدو انها ليست ببعيدة ايضا عن الحالة العامة للاقتصاد العالمي وذلك بسبب الترابطات والتشابكات العالمية المتزايدة في العلاقات الاقتصادية، فالصين على وجه التحديد وعلى الرغم من أنها تقف الآن في مكان ووضع مختلفين عن أوروبا والولايات المتحدة من ناحية آثار الازمة الاقتصادية العالمية حيث أن لديها معدل نمو وادخار مرتفعين جدا، لكن واضح ان مثل هذا الاقتصاد وفي ظروف عولمة عوامل الانتاج وخاصة رأس المال والموارد فإن لدى المستهلك الصيني اليوم نزعة عدم الرغبة في الإنفاق أي الإدخار والذي سيعني في لحظة ما فقدان الدورة الاقتصادية لموارد هامة ستؤثر سلباً على معدلات نموها اللاحق. وفيما يتعلق بالدول النامية وبغض النظر عن طبيعة معضلاتها المختلفة إلى حد ما عن معضلات دول الاقتصادات الكبرى، مثل نزوعها لسلوك تحمي من خلاله نفسها ضد التقلبات في أسعار السلع وكذلك إمكانية حصولها على استثمارات خارجية لتحقيق معدلات نمو مرتفعة تساعدها في معالجة مشاكل الفقر والبطالة، لكنها تبقى رهينة القرارات الاقتصادية للدول الكبرى وبالتالي تعيش حالة الضبابية والغموض نفسها. الضبابية في الاقتصاد العالمي يرى الكثيرون انها وان كانت غير مرغوبة وتسبب الكثير من الهدر للموارد وكذلك الصراعات المختلفة الاتجاهات، إلا انها تعبر في النهاية عن نزوع عالمي الطابع نحو تغيير الفلسفة الاقتصادية وسلوكياتها التي باتت تشكل عائقا امام طموح الاغلبية في قارات العالم قاطبة للعيش بعالم افضل، ولعل ما يعبر عن ذلك حالات الحراك السياسي العالمية الطابع سواء في بلدان الشرق الأوسط أو مثل حركات"احتلوا" في الغرب عموما وبطابعها غير التقليدي و"الغامض" احيانا. ان هذه الحركات تعني فيما تعنيه ان الغموض الاقتصادي يجب أن ينتهي، وان هذه النهاية اما ان تؤدي إلى إزدهار اقتصادي عالمي الطابع وبالتالي توفير المزيد من فرص العمل الامر الذي يعني نظم اقتصادية سياسية تتوفر فيها المزيد من العدالة الإجتماعية، أو قد تنتهي إلى مزيد من حالات الركود والبطالة وبالتالي حروب سياسية واقتصادية. وفي جميع الاحوال أغلب الظنون تشير إلى أن أوضاع الاقتصاد العالمي تسير إلى تباطؤ وليس الى انهيار.

بقلم بقلم رئيس التحرير 6/09/2012 10:25:00 ص. قسم . You can أكتب تعليقا لاتقرأ وترحلRSS 2.0

فيديو الاسبوع

إخترنا لكم

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - /تعريب وتطوير/شباب من أجل الجزائر