سقوط الباب العالي
اقلام وأراء 12/16/2011 10:26:00 م
كتب رفيق نصر الله
2011-12-07 02:30:45
2011-12-07 02:30:45
يحتاج التركي الى معجزة (عثمانية) لكي يتخلص من ورطته، مشهد مئات الشاحنات على الحدود مع سوريا أثار محطات التلفزة التركية وصراخ التجار والموردين الأتراك يطارد أردوغان عبر هذه المحطات وتكتلات في البرلمان التركي بدأت تعد العدة لشن حملة غير مسبوقة على ( الرجل المغامر ) كما وصف اردوغان .
الإنذار الروسي وصل واضحاً الى أنقرة ، ممنوع ( المغامرة ) ليس لأن سوريا غالية على الروس فقط ، بل لأن لروسيا مصالح ذات طابع إستراتيجي لا يمكن التهاون بها وهي كما قال دبلوماسي روسي في بيروت وخلال إجتماع ضم شخصيات لبنانية محددة مستعدة للوقوف - أي روسيا - على مقربة من حرب عالمية ثالثة قبل ان تسمح العبث بجغرافية المنطقة وتبديل معالمها الجيو – سياسية .
الإنذار الإيراني كان وصل الأتراك ايضاً وصحبته خطوات الدعم الإيراني غير المحدود للإقتصاد السوري ، يقول الإنذار : ( أي عمل عسكري على الأرض السورية سيقابله إندلاع حرائق متنقلة ) وهي نفس العبارة التي سمعها مسؤولون خليجيون من طهران ( إنتبهوا ... أنتم تقتربون من الحرائق المتنقلة ) والتي ان إندلعت ستطال كل النوافذ !...
الأتراك في مأزق حقيقي ، لقد تورط أردوغان منذ ان خرج مزهواً من إجتماعه بأوباما حيث إرتدى الجلباب العثماني وتصور ان أسابيع قليلة ويعود الباب العالي الى إسطنبول ، توهم ان قبضته ستمتد من شرق المتوسط الى البحر الأحمر وربما الى دول الخليج التي لم تستطع الدولة العثمانية بعظمتها من إلقاء القبض عليها إلا نذراً على مدى اربعة قرون ...
جلب أردوغان ( المستعرضين ) السوريين وتبنى ( مقاولتهم ) واخذ وكالتهم ، جاء الإخوان المسلمين وجمع كل الذين تحضروا في غرب أوروبا وقد تمونوا جيداً للإنقضاض على النظام ، وراح بنبرة صوته يقلد السلطان عبد الحميد وهو يطلق الإنذارات المتكررة للرئيس الأسد ، يجول في القاهرة وطرابلس وتونس متوهماً ان المسألة ستحسم خلال بضعة أسابيع ، حشد قواته وترك جنوده يغتصبون القاصرات السوريات في معسكر ( الوهم ) الذي أنشأه وتبنى ما سمي ( جيش سوريا الحر ) كما فعلت إسرائيل مع جيش لبنان الجنوبي ، وكان اسمه أولاً جيش دولة لبنان الحر ( يا للمصادفة كلهم أحرار) .
لم يتوقع ان تكون دمشق عصية وثابتة كما هي الآن ، وقوية كما هي الآن ، وهادئة كما هي الان ...
الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس السابع عشر من تشرين الثاني تصله برقية عاجلة تقول ان الجيش السوري يحتشد على طول الحدود وبجهوزية كاملة ، كان المخرز السوري قد بدأ يقترب من عيون الجند الأتراك الذين ظنوا ان الجبهة أمامهم فارغة .
كبار الضباط الأتراك في إجتماع يوم السبت التاسع عشر أي بعد يومين من الإنتشار القتالي للجيش السوري ، وزعوا نظراتهم القاسية باتجاه أردوغان الجالس على رأس الطاولة " الى اين تأخذنا ، ليس من مصلحتنا الإشتباك مع الجيش السوري ، ستفتح علينا جبهة طولها 832 كيلومتراً ، هذا عدا عن إحتمال فتح جبهة اخرى مع إيران طولها حوالي أربعماية كيلومتر ايضاً " يقدم قائد البحرية التركية تقريره " نحن لا قدرة لنا على التحرك ، سوريا تملك صواريخ أرض – سطح ، وهي قادرة على مطاردتنا نحن والأميركيين لثلاثماية كيلومتر بعيداً عن السواحل السورية ، فيما يرى قائد الطيران أن أي عمليات قصف جوي لمواقع سوريا ستواجه بقصف صاروخي ارض – ارض من القوات السورية بعمق 400 كلم ، هذا عدا المفاجآت التي قد يمتلكها السوريون خاصة في الدفاعات الجوية .
الرابع من كانون الأول – ديسمبر ، تراقب طائرات إستطلاع تركية عن بعد المناورات السورية وتقدم الأقمار الصناعية تقريراً مفصلاً : إنهم جادون ويستخدمون صواريخهم البعيدة المدى .
يصمت أردوغان المغامر الذي يريد ان يفعل شيئاً ، فثمة من ينتظر ساعة الصفر التركية ، لقد وعد العرب ووعد الأميركيين ، ووعد ( المستعرضين ) ولا يريد ان يفقد مصداقيته وهيبته ، بل صار يخجل من صراخه ، وها هو احياناً يوبخ وزير خارجيته أوغلو على ما فعل به .
نعود لصراخ اصحاب الشاحنات حيث يخرج احد المعلقين الإقتصاديين الأتراك ليقول " خسرنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط مليار ونصف المليار دولار بوقف صادراتنا الى الأسواق السورية ، وها نحن سنخسر المزيد بعد إلغاء إتفاقية التجارة الحرة ، وغداً لن نستطيع ان نعبر ببضاعتنا عبر سوريا القابضة على ممر أنفاسنا الى العالم العربي حيث يصدر ما مجموعه 7 مليارات دولار" ، ماذا فعلت يا اردوغان هل تغامر وتقامر بنا من اجل مصداقيتك انت " .
ينظر أردوغان من شرفة الفندق الذي إجتمع به في اسطنبول مع رئيس غرفة الصناعة والتجارة التركي ، يرى قطعة بحرية روسية تعبر المضيق ، يسأل احد مساعديه " كم قطعة عبرت حتى الآن " قال له " 4 منذ ثلاثة ايام " ...
يقف أردوغان ومعه ( منظّر ) المقامرة التركية الجديد أوغلو في الممر الضيق حيث لم يعد أمامه الكثير من الخيارات ، فهو غير قادر على التراجع بعد كل هذا الصراخ الذي ملأ به ساحات الوهم في الشرق الأوسط حيث راح يرسم أحلاماً وردية لمنطقة يريدها تحت عباءة الباب العالي وهو غير قادر ايضاً على ان يمضي بهذه (المقامرة) التي ستقود تركيا الى تلقف إنعكاسات غير مضمونة النتائج في وقت تبدو فيه نية
أوروبا نفسها مترنحة إقتصادياً ، يقول له أحد نواب البرلمان التركي : " لقد ضحكوا علينا " ويقصد الأميركيين والأوروبيين أرادونا رأس الرمح، لكنهم لم يمسكوا الرمح جيداً لأنهم في أزمة ، " يريدون منا المغامرة ... وبدون ثمن ... " .
في الخارجية السورية يواصل دبلوماسيون سوريون عاداتهم الصباحية ، يشربون كوباً مليئاً بالثلج يودعوه في إمعائكم ، ويتعاطون ببرودة مع الأتراك الذين لن يقدروا إلا على الصراخ ، هي مدرسة وليد المعلم بالدبلوماسية المثيرة للأعصاب كما وصفها أحد وزراء خارجية دولة خليجية عندما اعتبر ان اكثر ما يزعج الخليجيين هو هذا الوجه الصامت لوليد المعلم الذي يسبق كلامه ، وإذا تكلم يطلق راجمات (من الثلج ) على الوجوه الساخنة التي كانت تتوقع إنهياراً للنظام السوري خلال الأسابيع الأربعة الأولى من بداية أحداث درعا .
ماذا سيفعل أردوغان ، ربما سيزور الحدود التركية – السورية وسيجلس مع سائقي الشاحنات يعد الساعات والأيام الطويلة التي ستمر قبل ان تعود هذه الشاحنات أدراجها الى العمق التركي مصابة بخيبة الأمل ، حيث لايزال الرئيس الأسد في منزله بدمشق يمارس الرياضة الصباحية قبل ان يقرأ آخر التقارير التي تقول ان أردوغان بات يحتاج لمعجزة كي يخرج من أزمته ، وان مناورات الجيش كانت ناجحة وأوصلت الرسالة ، وان حسم الموقف بحمص صار ملك الأيام القليلة القادمة.
ولعل أحد سائقي الشاحنات التركية المجمدة على الحدود هو الذي إقترح على أردوغان ان يصدر عند الساعة الثانية عشرة من يوم الأربعاء السابع من كانون الأول – ديسمبر بياناً يعلن فيه ان تركيا لن تسمح بأي عمليات عسكرية من أراضيها ضد سوريا ! ...
الإنذار الروسي وصل واضحاً الى أنقرة ، ممنوع ( المغامرة ) ليس لأن سوريا غالية على الروس فقط ، بل لأن لروسيا مصالح ذات طابع إستراتيجي لا يمكن التهاون بها وهي كما قال دبلوماسي روسي في بيروت وخلال إجتماع ضم شخصيات لبنانية محددة مستعدة للوقوف - أي روسيا - على مقربة من حرب عالمية ثالثة قبل ان تسمح العبث بجغرافية المنطقة وتبديل معالمها الجيو – سياسية .
الإنذار الإيراني كان وصل الأتراك ايضاً وصحبته خطوات الدعم الإيراني غير المحدود للإقتصاد السوري ، يقول الإنذار : ( أي عمل عسكري على الأرض السورية سيقابله إندلاع حرائق متنقلة ) وهي نفس العبارة التي سمعها مسؤولون خليجيون من طهران ( إنتبهوا ... أنتم تقتربون من الحرائق المتنقلة ) والتي ان إندلعت ستطال كل النوافذ !...
الأتراك في مأزق حقيقي ، لقد تورط أردوغان منذ ان خرج مزهواً من إجتماعه بأوباما حيث إرتدى الجلباب العثماني وتصور ان أسابيع قليلة ويعود الباب العالي الى إسطنبول ، توهم ان قبضته ستمتد من شرق المتوسط الى البحر الأحمر وربما الى دول الخليج التي لم تستطع الدولة العثمانية بعظمتها من إلقاء القبض عليها إلا نذراً على مدى اربعة قرون ...
جلب أردوغان ( المستعرضين ) السوريين وتبنى ( مقاولتهم ) واخذ وكالتهم ، جاء الإخوان المسلمين وجمع كل الذين تحضروا في غرب أوروبا وقد تمونوا جيداً للإنقضاض على النظام ، وراح بنبرة صوته يقلد السلطان عبد الحميد وهو يطلق الإنذارات المتكررة للرئيس الأسد ، يجول في القاهرة وطرابلس وتونس متوهماً ان المسألة ستحسم خلال بضعة أسابيع ، حشد قواته وترك جنوده يغتصبون القاصرات السوريات في معسكر ( الوهم ) الذي أنشأه وتبنى ما سمي ( جيش سوريا الحر ) كما فعلت إسرائيل مع جيش لبنان الجنوبي ، وكان اسمه أولاً جيش دولة لبنان الحر ( يا للمصادفة كلهم أحرار) .
لم يتوقع ان تكون دمشق عصية وثابتة كما هي الآن ، وقوية كما هي الآن ، وهادئة كما هي الان ...
الساعة العاشرة من صباح يوم الخميس السابع عشر من تشرين الثاني تصله برقية عاجلة تقول ان الجيش السوري يحتشد على طول الحدود وبجهوزية كاملة ، كان المخرز السوري قد بدأ يقترب من عيون الجند الأتراك الذين ظنوا ان الجبهة أمامهم فارغة .
كبار الضباط الأتراك في إجتماع يوم السبت التاسع عشر أي بعد يومين من الإنتشار القتالي للجيش السوري ، وزعوا نظراتهم القاسية باتجاه أردوغان الجالس على رأس الطاولة " الى اين تأخذنا ، ليس من مصلحتنا الإشتباك مع الجيش السوري ، ستفتح علينا جبهة طولها 832 كيلومتراً ، هذا عدا عن إحتمال فتح جبهة اخرى مع إيران طولها حوالي أربعماية كيلومتر ايضاً " يقدم قائد البحرية التركية تقريره " نحن لا قدرة لنا على التحرك ، سوريا تملك صواريخ أرض – سطح ، وهي قادرة على مطاردتنا نحن والأميركيين لثلاثماية كيلومتر بعيداً عن السواحل السورية ، فيما يرى قائد الطيران أن أي عمليات قصف جوي لمواقع سوريا ستواجه بقصف صاروخي ارض – ارض من القوات السورية بعمق 400 كلم ، هذا عدا المفاجآت التي قد يمتلكها السوريون خاصة في الدفاعات الجوية .
الرابع من كانون الأول – ديسمبر ، تراقب طائرات إستطلاع تركية عن بعد المناورات السورية وتقدم الأقمار الصناعية تقريراً مفصلاً : إنهم جادون ويستخدمون صواريخهم البعيدة المدى .
يصمت أردوغان المغامر الذي يريد ان يفعل شيئاً ، فثمة من ينتظر ساعة الصفر التركية ، لقد وعد العرب ووعد الأميركيين ، ووعد ( المستعرضين ) ولا يريد ان يفقد مصداقيته وهيبته ، بل صار يخجل من صراخه ، وها هو احياناً يوبخ وزير خارجيته أوغلو على ما فعل به .
نعود لصراخ اصحاب الشاحنات حيث يخرج احد المعلقين الإقتصاديين الأتراك ليقول " خسرنا خلال الأشهر الثلاثة الماضية فقط مليار ونصف المليار دولار بوقف صادراتنا الى الأسواق السورية ، وها نحن سنخسر المزيد بعد إلغاء إتفاقية التجارة الحرة ، وغداً لن نستطيع ان نعبر ببضاعتنا عبر سوريا القابضة على ممر أنفاسنا الى العالم العربي حيث يصدر ما مجموعه 7 مليارات دولار" ، ماذا فعلت يا اردوغان هل تغامر وتقامر بنا من اجل مصداقيتك انت " .
ينظر أردوغان من شرفة الفندق الذي إجتمع به في اسطنبول مع رئيس غرفة الصناعة والتجارة التركي ، يرى قطعة بحرية روسية تعبر المضيق ، يسأل احد مساعديه " كم قطعة عبرت حتى الآن " قال له " 4 منذ ثلاثة ايام " ...
يقف أردوغان ومعه ( منظّر ) المقامرة التركية الجديد أوغلو في الممر الضيق حيث لم يعد أمامه الكثير من الخيارات ، فهو غير قادر على التراجع بعد كل هذا الصراخ الذي ملأ به ساحات الوهم في الشرق الأوسط حيث راح يرسم أحلاماً وردية لمنطقة يريدها تحت عباءة الباب العالي وهو غير قادر ايضاً على ان يمضي بهذه (المقامرة) التي ستقود تركيا الى تلقف إنعكاسات غير مضمونة النتائج في وقت تبدو فيه نية
أوروبا نفسها مترنحة إقتصادياً ، يقول له أحد نواب البرلمان التركي : " لقد ضحكوا علينا " ويقصد الأميركيين والأوروبيين أرادونا رأس الرمح، لكنهم لم يمسكوا الرمح جيداً لأنهم في أزمة ، " يريدون منا المغامرة ... وبدون ثمن ... " .
في الخارجية السورية يواصل دبلوماسيون سوريون عاداتهم الصباحية ، يشربون كوباً مليئاً بالثلج يودعوه في إمعائكم ، ويتعاطون ببرودة مع الأتراك الذين لن يقدروا إلا على الصراخ ، هي مدرسة وليد المعلم بالدبلوماسية المثيرة للأعصاب كما وصفها أحد وزراء خارجية دولة خليجية عندما اعتبر ان اكثر ما يزعج الخليجيين هو هذا الوجه الصامت لوليد المعلم الذي يسبق كلامه ، وإذا تكلم يطلق راجمات (من الثلج ) على الوجوه الساخنة التي كانت تتوقع إنهياراً للنظام السوري خلال الأسابيع الأربعة الأولى من بداية أحداث درعا .
ماذا سيفعل أردوغان ، ربما سيزور الحدود التركية – السورية وسيجلس مع سائقي الشاحنات يعد الساعات والأيام الطويلة التي ستمر قبل ان تعود هذه الشاحنات أدراجها الى العمق التركي مصابة بخيبة الأمل ، حيث لايزال الرئيس الأسد في منزله بدمشق يمارس الرياضة الصباحية قبل ان يقرأ آخر التقارير التي تقول ان أردوغان بات يحتاج لمعجزة كي يخرج من أزمته ، وان مناورات الجيش كانت ناجحة وأوصلت الرسالة ، وان حسم الموقف بحمص صار ملك الأيام القليلة القادمة.
ولعل أحد سائقي الشاحنات التركية المجمدة على الحدود هو الذي إقترح على أردوغان ان يصدر عند الساعة الثانية عشرة من يوم الأربعاء السابع من كانون الأول – ديسمبر بياناً يعلن فيه ان تركيا لن تسمح بأي عمليات عسكرية من أراضيها ضد سوريا ! ...
بقلم بقلم رئيس التحرير
12/16/2011 10:26:00 م.
قسم
اقلام وأراء
.
You can أكتب تعليقا لاتقرأ وترحلRSS 2.0