العملاء في مزبلة التاريخ















كاره العرب والمسلمين جون ماكين خلال زيارته لبنغازي





العملاء في مزبلة التاريخ






بقلم : محمد يوسف جبارين " أبوسامح " .. أم الفحم .. فلسطين/    مدونة الاحرار





ما هو هذا الربيع العربي الذي ليس
لديه ما يقدمه للعرب غير أن يرتضوا سقوطهم تحت وطأة حقبة استعمارية صليبية
جديدة ، وما هي هذه الثقافة التي تؤهل امارة عربية لتكون بثرواتها
وارادتها السياسية يدا للاستعمار ، يوظفها كيفما يشاء ، لتغدو برغم
انتفاخها بكل ما لا يدل على حقيقتها امارة العار ، وما هو الوعي الذي يؤهل
مثقفا ، مفكرا عربيا الى المساهمة في تشكيل رأي عام عربي يسهل الطريق أمام
الاستعمار الى بسط سيطرته على جغرافية عربية ، لاحتجاز سكانها في دائرة من
سيطرة تتيح له نهب ثرواتها ، وسلب الناس جهدهم في خلال جعل اقتصاد
البلد استهلاكيا .





لقد بلغ الاستخفاف بالعربي ، درجة
يراد له فيها أن يكون بالوعي الذي يتدرج به الى كل ما يتناقض مع هويته
العربية والاسلامية ، ولا يتفق بحال مع مقتضيات النمو والتطور ، التي هي
ضرورة تحقيق الحرية ، فالمزيد من التقدم يعني المزيد من الحرية ، فالحرية
نتاج تطور في وسائل الانتاج وما ذلك ، فالوعي الزائف المراد لهذا العربي أن
يتولاه ، انما ليصعد بالعربي على دروب الوهم ، فيبقى عاجزا عن تحقيق نهضة
حقيقية في بلاده ، وهذا بالتمام ضرورة الاستعمار في تحريك هذا العربي في
الاتجاه الذي يحتاجه المستعمرون ،





فكيف استحالت كلمة الحرية ، بكيد
مارق لئيم ماكر ، الى مناجاة في الليل والنهار ، من أجل احلال الدمار ، من
أجل أن تغرب الشمس في وسط النهار ، كي لا يبقى من وقت لغير الرعب والبكاء ،
، فلا خدود الا وتتقرح ، تشقق مما يجري فيها من أنهار من أوجاع وأحزان ،
بعد أن تنزل عليها أمطار من نيران .





وكيف تشكلت المناداة بالعدل وما
يؤمله الانسان من نهضة وعمران ، فتدافعت خرابا في الواقع العملي ، ونهبا
للثروات وسرقة للتاريخ واعداما للذاكرة الجماعية وتحطيما لمقومات الحياة .





فاذا مطلوب القول ترجمته في
الواقع بضده ، واذا الكلمات مسكوبة بما يخالف النوايا ، واذا التربص بالوعي
طريقا الى ترجمة المخبوء من شر ليغدو واقعا ملموسا ، فأنت في حال ، لا
تعرف فيه ، فيما اذا أنت في صحوك أم في منامك ، فاذا كنت نائما ، فلن تعرف
حقيقة ما أنت فيه حتى تصحو ، واذا أنت في صحوك ، فأنت لا تعرف فيما اذا
صحوك هو بذاته نوم أو محاولة خروج من النوم . أو فيما اذا أنت تحتاج الى
صحوة الصحوة ، لكي تفهم ما هو هذا الشيء الذي أنت فيه . فمن الأشياء في هذه
الدنيا ، ما لا عقل وسع ، ولا سعة الدنيا تسع ، غرائب ، عجائب ، فلا نفس
بها عقل يجعلها تطيق .





وماذا يمكنه الانسان أن يفعل اذا
دخل مدينة استوى فيها الفهم واللافهم ، والكلمة وضدها ، والخير والشر ، فلم
يعد هناك ميزان يعرف الناس به هذا من ذاك ، ولا اللون الأزرق من اللون
الأحمر ، ولا الذبابة الزرقاء من النملة .





ماذا يفعل العارف اذا وجد كل من
حوله فقدوا كل امكانية للمعرفة ، أصبحوا في التيه . حيرة أذهبت العقل ،
جعلت العاقل يستجدي الوهم لكي يتوهم فلعله بالوهم يفهم .





فلا بد أن الجهل يرتاح للجهل
ويأنس به ، يتفاهم معه ، يرقص واياه رقصة الضياع ، يستخرج واياه من جوف
السقوط مبادىء يفلسف بها درب الجهل في تحولاته الى جماعة ، مجتمع ، فلا
تعجب ان قلت لك بأنه سرعان ما ينشىء علاقات تحكمها قيم واتجاهات ومعايير
ترسم للجاهل سمات سلوكه في جماعة الجهل . ولا تستعجب اذا وجدت نفسك في حوار
فلسفي مع الجهل ، ولا يجب أن تفاجأ اذا وجدت عقيدة للجهل وقد ترسخت ،
وتجد من قاموا يدافعون عنها ، فأنت بصدد عقيدة تتهافت على بلورة الحياة
بمفاهيمها ، فأو تفعل ذلك أو تكون مدركة بأنها يجب أن تتخلص من ذاتها
العارفة ، وهذا ما لا تعرفه ولا تجد في نفسها باعثا عليه ، وانما أنت الذي
تراها على ما هي عليه من كارثة محمولة على أكف فكرها الى البشرية ، فعلى
صواب موقفك ، فانها التي لا ترى فيك سوى عقبة كؤود تقف حيالها ، ما يعني
التحاد بينك وبينها ، فانقضاضها عليك بكل ما بها من جهل وقوى داعمة منبثقة
عن جهل ، فلا تستنكف استعارتها قوى أجنبية لتحقيق غاياتها ، أو يكون هذا
الجهل فرصة هذه القوى الأجنبية لتوظيفه في خدمتها ، فالصراع سرعان ما يشتعل
بين قوى الجهل الموظفة في خدمة الأجنبي بدراية أو بغير دراية من القوى
الجاهلة ، بأنها تشق بعقيدة الجهل دربها الى دمار وخراب البيت الذي تسكنه ،
ولربما يأتي وقت تنبسط فيه السيطرة للقوى الأجنبية ، وتصبح ارادة سيطرتها
من أجل تحقيق أغراضها لا تقيم لغير مصالحها أية قيمة ، لكنها مع ذلك تظل
تطعم وتساقي قوى الجهل لتظل أداة لها توظفها كيفما دارت حاجاتها ، فأنت في
مثل هذا الحال ، لا يمكنك والدنيا من حولك تستحيل ظلاما ، الا أن لا تظلم
نفسك بصمت على هذا الخراب الذي جاء يحط على أرض بقوى لا تريد لك خيرا ،
وأنما أن تلغي عقلك بتنظيفه من كل فكرة عن خير أو عن دين أو عن وطن ، لتصبح
وعاء فارغا تاركا للجهل أن يتدفق فيه ، فهذا ما يريده لك الجهل والقوى
التي توظفه في تدمير حاضرك ومستقبلك ، بجعل الوطن بظروف تيسر للاستعمار أن
ينهب ويسلب كيفما شاء .





فهو الجهل الذي يحامي عن نفسه ،
فكرسي الجهل تبعية ، بيع وشراء ، ونهب وطن ، يتقاسم البائع والمشتري ثروات
الوطن وجهد أبنائه ، يصبح الوطن رهينة بيد كرسي ويد سارق ، فالجلوس على
كرسي امارة الجهل له ثمن ، فلا حماية أجنبية له بغير أن يكون الكرسي أداة
يحقق بها المستعمر هيمنته ، فهي لازمة له لكي ينهب ، فامارة الجهل خيانة
وطن ولعنة نزلت على الوطن ، ولا يقيلها غروب شعب الامارة في غيبوبة من لهو
واستهلاك ، لا يضيف غير اللاكتراث وعماء البصيرة .





فامارة الجهل أو امارة العار ،
بتلميعها لنفسها بالكذب الذي يتفجر خبثا ولؤما ، تغدو الخيانة اخلاصا
ووفاء ، والاحتلال يصبح حرية ، والخراب يصبح بناء وعمارة ، وسفك دم الأخ
لأخيه يصبح ميلاد وطن حر ، والاستنقاع في الفوضى والركود يصبح نموا وتطورا
وتقدما ، والكلمات تصبح بغير معانيها ، والتفكير يصبح قائما على منطق تناول
صيغت قواعده من الضد من منطق تناول سليم ، وفي حال كهذا فأنت محتاج الى
قاموس لغة صيغت كلماته بمعان هي الضد من معناها ، فأنت محتاج الى ضدك ..
مخلوق تستولده من ذاتك ، له عقل هو مقلوب عقلك ونفس هي مقلوب نفسك ، وروح
هي مقولب روحك ، فاذا أنت وضدك معا فلا يكون أي منكما ، تتلاشيان ، فلا
تكونا ، فيفرغ المكان والزمان من قدرة كان بمكنتها أن تعاند الزيف وتقهره .





فيا لفظاعة الحال .. العملاء
يقدمون أنفسهم على أنهم رواد الحرية ، وبأنهم المبشرون بالعزة للأوطان ،
والكرامة للانسان ، فالضد يستر نفسه بضده ، لأنه يعرف من نفسه حقيقتها ،
ويعلم بأنها التي لا يمكنه حر أن يرتضيها ، ولا من به عزة أن يستسيغها ،
ولا من به كرامة أن يقوى على أن لا يصنفها كنفاية ، فمكانها مزبلة التاريخ .





وكان ولم يزل الدجل والكذب مآل
الكذابين والعملاء ، في النفاق الذي ينافقون وفي الفساد الذي يفسدون ، فترى
اليهم يتأنقون بما ليسوا هم عليه ، ويتخذون من الاعلام أداة يسكبون فيها
مالا وفيرا وجهدا كبيرا ، وذلك من أجل أن ينتجوا رأيا عاما ، ووعيا عاما
ينسجم مع الصورة التي بها يتظاهرون ، ويتوافق مع المواقف التي يتخذون ،
فالرأي العام أشبه ما يكون ب " القدر الذي يتحكم بمصائر الشعوب ويحركها كيف
يشاء " ، فمن غير ذلك يصبح سقوطهم مسألة وقت ، ما يجعلهم دوما في ريبة
وقلق من ساعة تأتي يسقطون فيها من رتبة حياة صنعوها بالزيف والخيانة .





فأي انسان هذا الذي يراد له أن
يكون بهكذا زيف وتضليل ، فأن يتحدث بفهم هو مقلوب الفهم ، ويكون بوعي هو
معكوس الوعي ، فما الفهم وما المفهوم وما هو اللامفهوم ، فالفهم لافهم ،
والوعي لاوعي ، والوعي وعي واللافهم فهم ، فحقا حين لا يفهم متحدث ما
يقول ، ولا ما يكتبه ، ولا يفهم ما هو الفهم ، ولا ما هو اللافهم . فان
الفهم يحتاج الى مصيبة كبرى لكي تحل به ، فلعل مصيبة كهذه تجعله يفهم ما لا
يفهم . ف " ديمقراطية " ، ضرورتها السلام الاجتماعي والاستقرار ،
والتواصل كأساس النزوع الضروري للنفاهم ، بحثا عن مناخ يستنبتها ، فكيف
أصبحت اشاعة الفوضى ، وسفك الدماء ، وشحن العلاقات الاجتماعية بكل ما
يوترها ويزيد في البغضاء ويدفع نحو التناحر ، نسفا للاستقرار ، وتدميرا
للسلام الاجتماعي ، وتحطيما للاقتصاد ، واحالة الناس على البحث عن حاجة لهم
من ماء وكهرباء ، وأكل . كيف أصبح الدمار مناخ الضرورة لبعث ما يتسمى
ديمقراطية ، وهي كلمة تحتاج الى فهمها ، وماذا تعنيه في السياسة وماذا يكون
حالها مع الوضع الاقتصادي والاجتماعي ، فما هي ، فكيف يفهمها من
يتناحرون ويدمرون ديارهم بأيديهم ، ولماذا هكذا درب تشقه هذه الكلمة ، وما
مصلحة الكلمة ، والقائلين بها ، وكيف يمكنها أن تجري مجراها في مناخ هو
بعينه الذي لا يمكنها أن تقوم في ظروفه .





وكيف نفهم ملفوظا مثل " مفكر
عربي " ، يهيج ويموج على قناة فضائية ، بما أسموه كذبا " ب " ربيع عربي " ،
وليس لديه ما يدلل به على هذا الربيع سوى تلك المشاهد من الدمار والخراب
وسفك الدماء التي يراد لها أن لا تبقي من الدولة العربية أي شيء سوى أن
تستوي على معنى واحد هو الفوضى التي تفسح المجال أمام الاستعمار لكي يتدخل
تحت ذرائع شتى ، فأين الربيع في الفوضى ، وأين الربيع في استيلاد الفرصة
الخلاقة من وجهة نظرة استعمارية ، فهي حقبة استعمارية جديدة ، وليس ثمة ما
يدعى ربيعا عربيا في سياقات يبدعها تحالف الرجعية العربية مع الاستعمار ،
وانما نحن بصدد حقبة استعمارية جديدة ، مثيلة لحقبة استعمارية بدأت مطلع
القرن الماضي ، أفليس هكذا " مفكر عربي " تناسى النقطة فوق حرف العين ،
وكان الأجدى أن يتم توصيفه بحقيقة دور يؤديه ولا يرى مؤداه ، فهو " مفكر
غربي " بقصد أو بغير قصد ، فالفعل والقول شاهد على صاحبه . والسقوط ليس فقط
بسبب من زلازل ، وانما أيضا ببيع وشراء ، فالذمم والمال والسوق والتنازل
عن الكرامة التي يعرفها كثيرون من المثقفين والملتحين من أمثال بوق مزعج ،
يا طالما دلل على تبعيته للرجعية العربية .





وهل بالامكان أن نفهم مثقفين ، أو
أساتذة جامعات في هذا السياق ، بغير ما يقدمونه لنا من فكر ، ومن دور هذا
الفكر في انتاج رأي عام محرك صوب " ديمقراطية " ، تأخذ دربها في الواقع
الى ما لا يمكنه أن يصل بها الى بلورة حقيقية في واقع معاش ، لتظل هي
الكلمة التي سيقت في غير سياقاتها ، بهدف الانتفاع بها في تشكيل وعي مضلل ،
يساهم في تهيئة الظروف التي توفر للقوى الاستعمارية ، أسبابا تبرر بها
التسلل الى بسط هيمنة توفر لها وضع يدها على ثروات البلد ، الذي سرعان ما
يصبح استقلاله الوطني وهما ، وليس له من ديمقراطية غير زيفها فشرط
ديمقراطية هي الحرية ، وهي التي لا يمكنها أن تقوم على قدميها بغير
استقلال الارادة الوطني على أرضها ، وهو الاستقلال المنفي بحكم السيطرة
الأجنبية على الارادة السياسية وعلى الثروات ، فاذا هذا هو ربيع عربي
الفارغ من كل حرية ، فهو في حقيقة معانيه ليس الا ربيعا غربيا ، واذا ثمة
ثقافة تصب في استيلاد وضع كهذا فهي ثقافة في خدمة اللاتحرير واللاحرية ،
وانما ثقافة تخدم الأغراض الاستعمارية ، فليس ثمة ما يدعو الى عجب من
مثقفين ، هذه هي ثقافتهم ، وهذه هي حقيقة ولائهم وتبعيتهم ، أن يسبغوا كلمة
ثوار أو ثورة على فئات من مخلوقات تحترف القتل والتدمير ، وبظنها بأنها
تؤهل الواقع الى أمجاد تراودها في أحلامها ، وانما هي تفاقم من ضعف البنية
الاجتماعية باغراقها في الأحقاد والرغبة في الانتقام ، ما يفضي الى
صراعات داخلية تؤهل نظام الحكم الى فقدان السيطرة ، فالفوضى ، فان مثقفين
بهكذا ترويج لفكرهم ، يصبح عليهم أن يقولوا لنا ماذا يتخفى وراءهم ، وأي
جهة هم اياها يخدمون ، فكثيرا ما كان العلم يباع ويشترى ، وكثيرا ما كان
علماء ومثقفون في الصفوف المعادية لآمال الشعوب في نموها وتطورها ، ولا
نحتاج الى التدليل بأولئك النفر من الدكاترة والمتخصصين في علوم شتى ممن
كانوا الساتر الفكري والاعلامي لغزو العراق وتدميره ، فمنهم من اعترف بعد
أن أدى دوره في لعبة استعمارية لم يدرك كنها الا متأخرا ، بأنه من بين
الذين عاشوا وهما كبيرا ، اتضحت له حقيقته بعد فوات الأوان ، فمثل ثقافة
كهذه لم تؤهل صاحبها الى وعي سياسي يوزعه على موقف لا يندم عليه في مستقبل
أيامه ، فلم تضف له فهما لمكر وخبث استعماري ، ولا استولدت في نفسه عزة
وكرامة تباعد بينه وبين أن يكون يدا للاستعمار ، فلم يستنكف في بدء
اندراجه في المشروع الاستعماري ما يقوم به ، ولم يعترف بأنه فيما يفعل انما
يتبوأ رتبة في الخيانة ، مآلها استواء الاستعمار على غاياته ، وتحصل
الرجعية المتحالفة مع الاستعمار على أمن كرسي امارة من العار ، وهو ما
يتبقى من دور جهل لم تزله ثقافة ولا علم تحلى به أولئك المثقفون ، بل
الجهل والثقافة معا كانا يدا واحدة في خدمة مشروع يناهض العروبة والاسلام ،
ما يدلل على أن طريق الحرية لا يعرفه سوى الأحرار ، فأما العملاء والخونة ،
فانهم الذين لا فائدة منهم لوطن ولا لحاضر ولا لمستقبل ، وانما الفائدة
كلها للاستعمار ، وهو الذي ليس لديه ما يقدمه للعملاء سوى أن يطالبهم بأن
يكونوا أكثر وفاء له في مقابل أن يملأ أجهزتهم الهضمية بفتات من ثروات
وطن استحال بالغدر مائدة له .




بقلم بقلم رئيس التحرير 8/31/2011 12:34:00 م. قسم . You can أكتب تعليقا لاتقرأ وترحلRSS 2.0

فيديو الاسبوع

إخترنا لكم

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - /تعريب وتطوير/شباب من أجل الجزائر