فرنسا تستفزّ الجزائر مُجدّدا

عادت السلطات الفرنسية إلى استخدام لغة الاستفزاز المباشر للجزائر والجزائريين، ولم تتردّد في افتتاح مركز مخصّص للحركى والأقدام السوداء ممّن تصفهم باريس بـ (فرنسيي الجزائر)، وهو ما أثار غضب واستياء جمعيات فرنسية مناهضة للاستعمار رأت في الخطوة الباريسية الجديدة سلوكا غير مقبول، خصوصا وأنه ينطوي على أهداف انتخابية صريحة· ووسط صمت غريب للأحزاب والجمعيات الجزائرية، خصوصا تلك المصنّفة في خانة جمعيات ومنظّمات الأسرة الثورية، ندّدت جمعيات مناهضة للاستعمار ونقابات وأحزاب سياسية بافتتاح بباربينيون (جنوب فرنسا) مركزا مخصّصا لمن تسمّيهم باريس بـ (فرنسيي الجزائر)، والذين يتشكّلون في غالبيتهم من الحركى والأقدام السوداء، معتبرين أن هذه المبادرة تعدّ (تظاهرا بالتودّد) من حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية اتجاه اليمين المتطرّف قبل بضعة أسابيع من الانتخابات الرئاسية. حيث يبدو واضحا أن حزب اليهودي نيكولا ساركوزي يريد استغلال كلّ الأوراق الممكنة، بما في ذلك الخبيثة وغير الشريفة، للحصول على أصوات أكبر عدد ممكن من النّاخبين، وبعد أن مرّر قانون تجريم إهانة الحركى ثمّ قانون تجريم إنكار إبادة الأرمن، وبعد أن قام بـ (إهداء) تكريم خاص للسفّاح بيجار، ها هو يقيم مركزا خاصّا يجمع الأشخاص الذين عاثوا في الجزائر فسادا سعيا منه إلى استقطاب أصوات هؤلاء وأبنائهم وأقاربهم، علما أن آخر استطلاعات الرّأي تؤكّد أن شعبية الرئيس الفرنسي الحالي باتت في الحضيض بعد أن اقترب من تحويل فرنسا إلى دولة (سائرة في طريق التخلّف) بعد سنوات وعقود طويلة من الازدهار· وندّد المناضلون في تجمّع (من أجل تاريخ فرنسي جزائري غير مزوّر) بهذه المبادرة (الرجعية) الرّامية إلى إعادة الاعتبار إلى أولئك الذين يحنّون إلى الجزائر الفرنسية وترقية المناضلين الذي يميلون لصالح (الاعتراف بالعمل الإيجابي لفرنسيي الجزائر)· وأشارت جوزيان بوشار وهي مناضلة مناهضة للاستعمار ولدت في الجزائر إلى أنه تمّ إيلاء أهمّية تسيير هذا المركز إلى أولئك الذين يحنّون إلى الجزائر الفرنسية وتمّ تزويده بوثائق (تمجّد الاستعمار)· وقالت المتحدّثة ذاتها في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية إن تجمّع المناضلين الذي تنتمي إليه يندّد بعملية تسليم مهمّة تسيير هذا المركز الذي افتتح يوم الأحد لأولئك الذين يحنّون إلى الجزائر الفرنسية ويطالب بالاعتراف (بالمجازر) التي ارتكبها الاستعمار طوال 130 عام من الاستعمار الفرنسي على أنها (جرائم دولة)، واعتبرت أن تدشين هذا المركز بمناسبة الذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر (الذي افتكّ من الإمبريالية الفرنسية) هو (جزء لا يتجزّأ من حملة ينظّمها اليمين واليمين المتطرّف بفرنسا من أجل إعادة الاعتبار للاستعمار الفرنسي)· وأكّدت السيّدة بوشر أن (مبادرة إعادة الاعتبار هذه تشجّع على معاداة الأجانب والعنصرية اللتين تعاني منهما فرنسا اليوم). وتتّهم الكتلة الاشتراكية مباشرة حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية ممثّلا من قبل وزير الدفاع الذي قام يوم أمس الأحد بتدشين المركز (بالتودّد) لليمين المتطرّف، حيث كانت رئيسة الجبهة الوطنية السيّدة مارين لوبان حاضرة يومها بباربينيون لتنظيم تجمّع· وأشارت جاكلين أميال دونات وهي رئيس الكتلة الاشتراكية للمعارضة بباربينيون إلى أن (حزب الاتحاد من أجل المتوسط يحتاج اليوم إلى الالتحاق بأصوات اليمين المتطرف من أجل الفوز)· واعتبرت ذات المتحدّثة أن هذا المركز يمثّل جميلا إضافيا لأولئك الذين يحنّون إلى الجزائر الفرنسية بعد التمثال المخصّص للأعضاء السابقين في المنظمة العسكرية السرية· من جهته، أكّد هنري بوييو الذي كان بفيلا سوزيني (وهو أحد مراكز التعذيب بالجزائر العاصمة تحت الاستعمار) وكاتب شهادات حول التعذيب في هذا المركز أن (التحريض على الاستعمار الذي تقوم به مديرية مقاطعة بيربينيون ضارب في القدم)، مذكّرا بأنه في 1986 دشّن بول ألدويي وهو رئيس مقاطعة باربينيون سابقا منضمّ إلى الحزب من أجل الحركة الشعبية متحف ذاكرة سيدي فرج ببور فوندرس، حيث أشاد بعمل (الجيش الفرنسي الذي قدّم للجزائر مزايا عبقرية فرنسا)· وأكّد أعضاء التجمّع (من أجل تاريخ فرنسي جزائري غير مزوّر) أنه لا يعارض استحداث مركز للإعلام شريطة أن يهتمّ هذا الأخير بالتاريخ الجزائر الفرنسي، وأن يكون مكانا للذاكرة المتقاسمة، وأنه مسيّر من طرف لجنة علمية تتشكّل من خبراء في مجال التاريخ، وأشاروا إلى أن (إيلاء مهمّة تسيير مركز التوثيق هذا لنادي جزائري فضيحة لأن هذا يعني أن هذا يمثّل مساعدة بقيمة 8،1 مليار أورو لفائدة جمعية)، حيث اقترحوا اللّجوء إلى خبراء في التاريخ من أجل إعادة صياغة 132 سنة من الاستعمار الفرنسي في الجزائر بكلّ جوانبه وإعلام الجمهور (بالمسؤوليات السياسية) لفترة استعمار فرنسا للجزائر·ومن المؤسف كثيرا أن نسمع بتحرّك جمعيات فرنسية للتنديد بالخطوات (الساركوزية) الاستفزازية ونطالع أخبارا عن تحرّكات يقوم بها فرنسيون شرفاء يرفضون استفزازات فرنسا للجزائر وتحرّشاتها بالجزائريين، ولا نسمع صوتا لأسرتنا الثورية وأحزابنا السياسية ونخبنا الفكرية والإعلامية، يحدث ذلك رغم أن السنة الحالية هي سنة خمسينية الاستقلال الذي مات من أجل تحقيقه ملايين الشهداء الذين قهروا فرنسا وتركوا في نفوس مسؤوليها غصّة يعبرون عنها بالتطاول على الجزائر كلّما أمكنهم ذلك·

بقلم بقلم رئيس التحرير 2/01/2012 10:57:00 م. قسم . You can أكتب تعليقا لاتقرأ وترحلRSS 2.0

فيديو الاسبوع

إخترنا لكم

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - /تعريب وتطوير/شباب من أجل الجزائر