غسان بن جدّو : هذه حقيقة «الصفقة» بين أمريكا والاسلاميين

يخوض الأستاذ غسان بن جدو، الاعلامي التونسي البارز، سباقا مع الوقت هذه الأيام من أجل انطلاق قناة «الميادين» التي سترى النور بعد أسابيع قليلة، وفق ما جاء في هذا الحديث الذي خصّ به جريدة «الشروق» والذي تطرق فيه الى مواضيع ومسائل أخرى له بشأنها رأي وموقف «يزاوج» فيه بين المهنية والموضوعية والوطنية… وفي ما يلي هذا الحديث. في البداية أين وصلت ترتيبات ومراحل الاعداد لقناة «الميادين»… ومتى ستكون انطلاقتها؟ عندما عقدت مؤتمرا صحفيا قبل أشهر قليلة قلت إنّ القناة يفترض أن تنطلق في مطلع العام 2012… الآن نحن لانزال عند وعدنا… وفي تقديري أنها ستبدأ فعلا بعد أسابيع قليلة… هذه ستكون الانطلاقة الأولى لكن ستكون هناك أيضا انطلاقة ثانية بعد الصائفة المقبلة… بحيث ستكون القناة حينها مكتملة… وهذا لا يعني أننا سننطلق بمستوى ضعيف، بل على العكس نحن جهزّنا نشرات أخبارنا وعدد من البرامج والتحقيقات والتقارير على أمل أن تكون لنا اطلالة ثانية بعد الصائفة المقبلة كما قلت بشكل أكثر تنوعا وكثافة على مستوى البرامج والتقارير والتحقيقات أيضا. ماذا عن سياسة القناة وتوجهها العام… هناك تساؤلات عديدة بهذا الخصوص… ماهو جوابكم لها؟ نحن في الحقيقة أعلنا عن سياسة القناة وما أؤكده هنا بكل صراحة ووضوح أن القناة لا تملك أي خلفية ايديولوجية لا قومية ولا يسارية ولا اسلامية ولا غيرها… لكن نحن لدينا سياسات تحريرية لاسيّما أن العاملين من مختلف التوجّهات والانتماءات… فنحن إذن عبارة عن عائلة متنوعة ولا خلفية ايديولوجية لنا في القناة… لكن أرجو التأكيد أننا أيضا لا نخفي انحيازنا الى الجماهير ضدّ الدكتاتوريات وضدّ التطرف الديني… ومع التسامح والحوار مع الحضارات والثقافات ضدّ التمييز الديني والمذهبي… فنحن نعتقد أن هذه خطوط حمراء… نحن أيضا واضحون لا نجد حرجا في القول إننا ننحاز الى خيار المقاومة. في حديث سابق لصحيفتنا ذكرت أنّ ما تحقق في تونس نصف ثورة… الآن بعد مرور عام على هذه الثورة، هل اكتمل النصف الآخر… وكيف تحلّل وتوصّف المشهد السياسي التونسي؟ لقد سبق أن قلت إن الموجود في تونس هو خريطة طريق وأننا حققنا في تونس نصف ثورة. فالثورة ليست فقط اسقاطا للرئيس، بل هي انتفاضة شاملة على سياسات ونظم خاطئة وفاسدة… وبالتالي نحن نحتاج اليوم الى نظام سياسي جديد والى قيم جديدة… وهذا أمر ضروري ومفرد أساسي من مفردات خريطة الطريق… إذ يفترض أن يكون هناك موعد للانتخابات ودستور جديد… وفي رأيي هذا مهم جدا على عكس أقطار أخرى… ونحن اليوم نتابع ما يحصل في تونس والحقيقة أن المخاض هناك لايزال عسيرا، إذ هناك تحرّكات واحتجاجات بعضها مشروع وبعضها الآخر غير مشروع… شخصيا كنت أتوقع فوز حركة النهضة لعدّة اعتبارات منها أنها حركة جماهيرية… ربما النخبة السياسية لم تصدق أن للنهضة كل هذه الشعبية لأن حركة النهضة لاتزال حركة جديدة وطازجة وربما البعض الآخر أراد اختبارها من خلال منحها صوته… لكن أعتقد أيضا أن جزءا من الاعلام في تونس خدم حركة النهضة بشكل غير مباشر لأنه جعل من النهضة الخصم الرئيسي… وهذا جعل من هذه الحركة ضحية… فالتقت بذلك «المظلومية» مع الاعتبارات الاخرى فكان فوزها بالتالي طبيعيا. لكن هذا الوضع ليس خاصا فقط بحركة النهضة هناك حركات إسلامية اكتسحت صناديق الاقتراع في بلدان عربية اخرى… ألسنا هنا إزاء حالة عامة… وموجة كاملة؟ أعتقد بشكل عام أن الموجة الحالية هي موجة اسلامية، أي أنها موجة التيارات الاسلامية وهذا أراه أمرا طبيعيا… لكن المهم هنا ألا تُصاب هذه التيارات والحركات بالنرجسية وأن تعلم أنها يمكن أن تراقب وتُحاسب وأن أي أخطاء قد ترتكبها ستكون من العيار الثقيل… وأشدّد هنا على أن الرهان الحقيقي للحركات الاسلامية هو الشعوب والجماهير وليس الصفقات مع فلول الأنظمة ا لبائدة والجهات الخارجية… لأن الحركات التي تعتقد أن بقاءها في الحكم مرهون بعقد صفقات مع أنظمة خليجية وأخرى أجنبية هي واهمة ولا تقرأ التاريخ… فالحركات التي يمكن أن تستمر هي فقط الحركات التي تراهن على الجماهير… وأيّ حركات لا تراهن على الجماهير وترهن مصيرها كما ذكرت بعقد صفقات مع الخارج فإنها تقدم بذلك نموذجا زائفا وكريها. هل نفهم من كلامك أنك ترى وجود صفقة مع أمريكا وراء وصول الحركات الاسلامية الى السلطة؟ بكل صراحة، لا أعتقد أن هناك صفقة بين أمريكا والحركات الاسلامية لكن أرى أن هناك رؤية مصلحية براغماتية أمريكية تكمن في التعاطي بأكثر مرونة مع هذه الحركات حيث أن أمريكا اقتنعت بأن الموجة الحالية هي موجة التيارات الاسلامية ووجدت نفسها أمام خيارين إما أن تتصادم معها او أن تحتويها… لكنها في النهاية آثرت تبني الخيار الثاني لأن مراكز البحث الامريكية أقنعت الادارة الامريكية بأن مواجهة هذه الحركات لا جدوى منه وأنه من الأفضل أن تتعاطى معها كما النموذج التركي لكن المهم ألا تتجاوز هذه الحركات ما تعتبره الولايات المتحدة خطا أحمر… كذلك هناك أمر آخر هنا وهو أن الحركات الاسلامية ترفع شعار بلدي أوّلا… كما أنها تتعاطى بمرونة… وتريد تثبيت نفسها في أجهزة الدولة… وهذا يقتضي في رأيها مهادنة أمريكا… وهو ما تم فعلا حيث اختارت هذه الحركات أن تهادن الولايات المتحدة وألا تقدّم نموذجا راديكاليا… وبالتالي لا أرى أن هناك صفقة ولكن أستطيع أن أقول ان هناك سياسة احتواء من قبل الطرفين… مع أنه في تقديري لا أعتقد أن هذا التعايش بين الاسلاميين والولايات المتحدة قد يطول بل أتوقّع ألا تمتد هذه المساكنة والمهادنة الى أكثر من أربع أو خمس سنوات… وهذه الفترة هي قصيرة في عمر الثورات… وبعد أرى أنه سيكون هناك مخاض جديد… هذا المخاض الذي تشير إليه كيف ترى أستاذ غسان مساره ومآله في الحالة السورية… سؤالي هنا تحديدا الى أين تتجه الأزمة السورية؟ أعتقد أن سوريا هي الآن في سباق مع الزمن وبلا شك هناك ضرورة اليوم للاصلاحات العاجلة… وهي اصلاحات لا ينبغي أن تستمرّ طويلا… كذلك سوريا اليوم في سباق مع التدخل الخارجي ـ الذي لا يبدو في الكثير من الاحيان معينا ولكنه معني بتغير السياسات السورية… الغرب اقتنع بأنه من المستحيل تغيير السلوك السوري وبالتالي فإن الحل في رأيه يكمن في اسقاط النظام السوري… ولكن في ظنّي الشخصي أن أغلبية الدول تنفّذ سياسات حمقاء وعرجاء… وما أريد التأكيد عليه هنا أنني مع الحريات العامة في سوريا ومع ضرورة القضاء على الفساد وتحقيق التداول السلمي على السلطة ومع أن النظام السوري ينبغي أن يتغيّر ولكن في الوقت نفسه أعتقد أن تدهور حالة الانتفاضة وانجرارها الى عمل مسلح أساء الى الجماهيرية المشبوهة للانتفاضة… اليوم هناك عنصر مسلح واضح في الحالة السورية وأنا أؤكد هنا أن في سوريا جماعات غير سورية وعربية تقاتل باسم الجهاد ضد النظام السوري… الآن هذه المجموعات موجودة خصوصا في الزبداني وعلى الحدود التركية السورية… وبالتالي فإن ما يحصل من عنف مسلّح أساء كثيرا الى الحركة الاحتجاجية في سوريا… النقطة الاخرى هنا أنني أؤكد الرفض المطلق للتدخل الخارجي في سوريا فمثل هذا الامر قد يؤدي الى تدهور الاوضاع لكن في ذات الوقت أتمنى أن تكون هناك حكومة يتشارك فيها الجميع في الأشهر المقبلة.

بقلم بقلم رئيس التحرير 1/30/2012 12:23:00 ص. قسم . You can أكتب تعليقا لاتقرأ وترحلRSS 2.0

فيديو الاسبوع

إخترنا لكم

2010 BlogNews Magazine. All Rights Reserved. - /تعريب وتطوير/شباب من أجل الجزائر